فصل: فصل إذا اشترى عبداً وأحال البائع بالثمن على رجل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 الباب الثالث في التنازع

فيه مسائل‏:‏ الأولى‏:‏ إذا ادعى على رجلين دارا في يدهما فصدقه أحدهما وكذبه الآخر ثبت له النصف بإقرار المصدق والقول قول المكذب فلو صالح المدعي المقر على مال و أراد المكذب أخذها بالشفعة ففيه طريقان‏.‏

أحدهما قول الشيخ أبي حامد وجماعة إن ملكاها في الظاهر بسببين مختلفين فله ذلك لأنه لا تعلق لأحد الملكين بالآخر وإن ملكاً بسبب واحد من إرث أو شراء فوجهان أحدهما المنع لأنه زعم أن الدار ليست للمدعي وأن الصلح باطل وأصحهما يأخذ لأنا حكمنا في الظاهر بصحة الصلح ولا يبعد انتقال ملك أحدهما فقط وإن ملكاً بسبب‏.‏

والطريق الثاني قاله ابن الصباغ إن اقتصر المكذب على قوله لا شيء لك في يدي أو لا يلزمني تسليم شيء إليك أخذ وإن قال مع ذلك وهذه الدار ورثناها ففيه الوجهان وهذا الطريق أقرب مع أن قوله ورثناها لا يقتضي بقاء نصيب الشريك في ملكه بل يجوز انتقاله إلى المدعي فالإختيار أن يقطع بجواز الأخذ إلا أن يقول إن الشريك مالك في الحال قلت هذا الذي اختاره هو الصواب وقد قطع به هكذا القاضي أبو الطيب في تعليقه والله أعلم‏.‏

المسألة الثانية‏:‏ ادعى رجلان داراً في يد رجل فأقر لأحدهما بنصفها نظر إن ادعياها إرثا ولم يتعرضا لقبض شارك صاحبه فيما أخذه لأن التركة مشتركة فالحاصل منها مشترك وإن قالا ورثناها وقبضناها ثم غصبناها لم يشاركه على الصحيح وقول الأكثرين فإن ادعيا ملكاً بشراء أو غيره فإن لم يقولا اشترينا معا فلا مشاركة وإن قالا اشترينا معا أو اتهبنا معا وقبضنا معا فوجهان أصحهما أنه كالأرث والثاني لا مشاركة فلو لم يتعرضا لسبب الملك فلا مشاركة قطعاً نص عليه في المختصر وحيث شركنا في هذه الصور فصالح المصدق المدعى عليه على مال فإن كان بإذن الشريك صح وإلا فباطل في نصيب الشريك وفي نصيبه قولا تفريق الصفقة وقيل يصح في جميع المقر به لتوافق المتعاقدين وهو ضعيف‏.‏

ولو ادعيا داراً في يده فأقر لأحدهما بجميعها فإن وجد من المقر له في الدعوى ما يتضمن إقرارا لصاحبه بأن قال هذه الدار بيننا ونحو ذلك شاركه وإن لم يوجد بل اقتصر على دعوى النصف نظر إن قال بعد إقرار المدعى عليه بالكل الجميع لي سلم الجميع له ولا يلزم من ادعائه النصف أن لا يكون الباقي له ولعله ادعى النصف لكون البينة ما تساعده على غيره أو يخاف الجحود الكلي وإن قال النصف الآخر لصاحبي سلم لصاحبه وإن لم يثبته لنفسه لا لرفيقه فهل يترك في يد المدعى عليه أم يحفظه القاضي أم يسلم إلى رفيقه فيه أوجه أصحها أولها‏.‏

الثالثة تداعيا جداراً حائلاً بين ملكيهما فله حالان‏.‏

أحدهما أن يكون متصلاً ببناء أحدهما دون الآخر اتصالاً لا يمكن إحداثه بعد بنائه فيرجح جانبه وصورته أن يدخل نصف لبناء الجدار المتنازع فيه في جداره الخاص ونصف جداره الخاص في المتنازع فيه ويظهر ذلك في الزوايا وكذلك لو كان لأحدهما عليه أزج لا يمكن إحداثه بعد بناء الجدار بتمامه بأن أميل من مبدإ ارتفاعه عن الأرض قليلاً وإذا ترجح جانبه حلف وحكم له بالجدار إلا أن تقوم بينة على خلافه ولا يحصل الرجحان بوجود الترصيف المذكور في مواضع معدودة من طرف الجدار لإمكان إحداثه بعد بناء الجدار بنزع لبنة ونحوها وإدراج أخرى ولو كان الجدار المتنازع فيه مبنياً على خشبة طرفها في ملك أحدهما وليس منها شيء في ملك الآخر فالخشبة لمن طرفها في ملكه والجدار المبني عليها تحت يده ظاهرا قال الإمام ولا يخلو من احتمال الحال الثاني أن يكون متصلاً ببنائهما جميعاً أو منفصلاً عنهما فهو في أيديهما فإن أقام أحدهما بينة قضي له وإلا فيحلف كل واحد منهما للآخر فإذا حلفا أو نكلا جعل الجدار بينهما بظاهر اليد وإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضى للحالف بالجميع وهل يحلف كل واحد على النصف الذي يحصل له أم على الجميع لأنه ادعاه وجهان أصحهما الأول قال الشافعي رضي الله عنه ولا أنظر إلى من إليه الدواخل والخوارج ولا أنصاف اللبن ولا معاقد القمط معناه لا أرجح بشيء منها قال المفسرون لكلامه المراد بالخوارج الصور والكتابة المتخذة في ظاهر الجدار وبالدواخل الطاقات والمحاريب في باطن الجدار وبأنصاف اللبن أن يكون الجدار من لبنات مقطعة فتجعل الأطراف الصحاح إلى جانب ومواضع الكسر إلى جانب ومعاقد القمط تكون في الجدار المتخذ من قصب أو حصير ونحوهما وأغلب ما يكون ذلك في الستر بين السطوح فيشد بحبال أو خيوط وربما جعل عليها خشبة معترضة فيكون العقد من جانب والوجه المستوي من جانب ولو كان لأحدهما عليه جذوع لم يرجح لأنه لا يدل على الملك كما لو تنازعا دارا في يدهما ولأحدهما فيها متاع فإذا حلفا بقيت الجذوع بحالها لإحتمال أنها وضعت بحق الرابعة السقف المتوسط بين سفل أحدهما وعلو الآخر كالجدار بين ملكيهما فإذا تداعياه فإن لم يكن إحداثه بعد بناء العلو كالأزج الذي لا يمكن عقده على وسط الجدار بعد امتداده في العلو جعل في يد صاحب السفل لإتصاله ببنائه على سبيل الترصيف وإن أمكن بأن يكون السقف عاليا فيثقب وسط الجدار وتوضع روؤس الجذوع في الثقب فيصير البيت بيتين فهو في أيديهما لإشتراكهما في الإنتفاع به الخامسة علو الخان أو الدار لأحدهما والسفل للآخر وتنازعا في العرصة أو الدهليز فإن كان المرقى في الصدر جعلت بينهما لأن لكل واحد يداً وتصرفاً بالإستطراق ووضع الأمتعة وغيرهما‏.‏

قال الإمام وكان لا يبعد أن يقال ليس للعلو إلا الممر وتجعل الرقبة للسفل لكن لم يصر إليه أحد من الأصحاب وإن كان المرقى في الدهليز أو الوسط فمن أول الباب إلى المرقى بينهما وفيما وراءه وجهان أصحهما لصاحب السفل لإنقطاع صاحب العلو عنه واختصاص صاحب السفل يداً وتصرفاً والثاني بينهما لأن صاحب العلو قد ينتفع به بوضع الأمتعة فيه وطرح القمامة وإن كان المرقى خارجاً فلا تعلق لصاحب العلو بالعرصة بحال ولو تنازعا المرقى وهو داخل فإن كان منقولاً كالسلم الذي يوضع ويرفع فإن كان في بيت لصاحب السفل فهو في يده وإن كان في غرفة لصاحب العلو ففي يده وإن كان منصوباً في موضع المرقى فنقل ابن كج عن الأكثرين أنه لصاحب العلو لعود منفعته إليه وعن ابن خيران أنه لصاحب السفل كسائر المنقولات وهذا هو الوجه وإن كان المرقى مثبتاً في موضعه كالسلم المسمر والأخشاب المعقودة فلصاحب العلو لعود نفعه إليه وكذا إن كان مبنياً من لبن أو آجر إذا لم يكن تحته شيء فإن كان تحته بيت فهو بينهما كسائر السقوف وإن كان تحته موضع حب أو جرة فالأصح أنه لصاحب العلو والثاني أنه كما لو

 كتاب الحوالة

أصلها مجمع عليه ومن أحيل على مليء استحب أن يحتال ولا بد في وجودها من ستة أمور محيل ومحتال ومحال عليه ودين للمحتال على المحيل ودين للمحيل على المحال عليه ومراضاة بالحوالة بين المحيل والمحتال‏.‏

ويشترط في صحتها أمور‏.‏

منها ما يرجع إلى الدينين ومنها ما يتعلق بالأشخاص الثلاثة‏.‏

وفي حقيقة الحوالة وجهان أحدهما أنها إستيفاء حق كأن المحتال استوفى ما كان له على المحيل وأقرضه المحال عليه إذ لو كانت معاوضة لما جاز فيها التفرق قبل القبض إذا كانا ربويين وأصحهما أنها بيع وهو المنصوص لأنها تبديل مال بمال وعلى هذا وجهان أحدهما أنها بيع عين بعين وإلا فيبطل للنهي عن بيع دين بدين والصحيح أنها بيع دين بدين واستثني هذا للحاجة قال الإمام وشيخه رحمهما الله لا خلاف في اشتمال الحوالة على المعنيين الإستيفاء والإعتياض والخلاف في أن أيهما أغلب‏.‏

أما شروطها فثلاثة‏.‏

الأول‏:‏ الرضى فلا تصح إلا برضى المحيل والمحتال وأما المحال عليه فإن كان عليه دين للمحيل لم يعتبر رضاه على الأصح وإن لم يكن لم يصح بغير رضاه قطعاً وبإذنه وجهان بناء على أنها اعتياض أم استيفاء إن قلنا استيفاء صح وإلا فلا فإن صححنا فوجهان أحدهما يبرأ المحيل بنفس الحوالة كسائر الحوالات وأصحهما وبه قطع الأكثرون لا يبرأ بل قبوله ضمان مجرد فإن قلنا لا تصح هذه الحوالة فلا شيء على المحال عليه فإن تطوع وأداه كان قضاء لدين غيره وإن قلنا يصح فهو كما لو ضمن فيرجع على المحيل إن أدى بإذنه وكذا بغير إذنه على الأصح لجريان الحوالة بإذنه وفي رجوعه قبل الأداء وجهان بناء على براءة المحيل إن قلنا يبرأ فنعم وإلا فلا وإذا طالب المحتال بالأداء فله مطالبة المحيل بتخليصه وهل له ذلك قبل مطالبة المحتال وجهان كالوجهين في مطالبة الضامن ولو أبرأ المحتال لم يرجع على المحيل بشيء ولو قبضه المحتال ثم وهبه له ففي الرجوع وجهان‏.‏

قلت‏:‏ أصحهما الرجوع والله أعلم‏.‏

ولو ضمن عنه ضامن لم يرجع على المحيل حتى يأخذ المحتال منه أو من ضامنه ولو أحال المحتال على غيره نظر إن أحاله على من عليه دين رجع على محيله بنفس الحوالة لحصول الأداء بها وإن أحال على من لا دين عليه لم يرجع ما لم يرجع عليه الذي أحال عليه‏.‏

فرع قد ذكرنا أن الرضى شرط والمراد به الإيجاب والقبول ولو قال المحتال أحلني فقال أحلتك ففيه الخلاف السابق في مثله في البيع وقيل ينعقد هنا قطعا لأن مبناها على الرفق والمسامحة‏.‏

الشرط الثاني‏:‏ أن يكون ديناً لازماً أو مصيره إلى اللزوم‏.‏

والدين ضربان لازم وغيره‏.‏

أما غيره ففيه مسائل‏:‏ إحداها الثمن في مدة الخيار تصح الحوالة به وعليه على الأصح فإن منعنا ففي انقطاع الخيار به وجهان وإن جوزنا فقطع الإمام والغزالي بأنه لا يبطل الخيار فلو اتفق فسخ البيع بطلت الحوالة لأنها إنما صحت لإفضاء البيع إلى اللزوم فإذا لم يفض لم تصح ومنقول الشيخ أبي علي واختياره بطلان الخيار لأن مقتضى الحوالة اللزوم فلو بقي الخيار فات مقتضاها فإن أبطلنا فأحال البائع المشتري على ثالث بطل خيارهما لتراضيهما وإذا أحال البائع رجلاً على المشتري لا يبطل خيار المشتري إلا إذا فرض منه قول ورضى‏.‏

وأما الحوالة بالثمن بعد انقضاء الخيار وقبل قبض المبيع فالمذهب الذي عليه الجمهور القطع بجوازها وللمسعودي إشارة إلى منعها لكونه غير مستقر وقد اشتهر في كتب الأصحاب اشتراط استقرار ما يحال به وعليه‏.‏

المسألة الثانية إذا أحال السيد على مكاتبه بالنجوم لم يصح على الأصح وقال الحليمي يصح ولو أحال المكاتب سيده بالنجوم صح على الأصح وبه قطع الأكثرون ولو كان للسيد عليه دين معاملة فأحال عليه بني على أنه لو عجز نفسه هل يسقط ذلك الدين إن قلنا لا صحت وإلا فلا

قلت الأصح الصحة وبه قطع صاحب الشامل والله أعلم‏.‏

الثالثة مال الجعالة القياس أن يجيء في الحوالة به وعليه الخلاف المذكور في الرهن به وفي ضمانه وقطع المتولي بجوازها به وعليه بعد العمل ومنعها قبله‏.‏

قلت قطع الماوردي بالمنع مطلقاً‏.‏

والله أعلم‏.‏

قال المتولي لو أحال من عليه الزكاة الساعي جاز إن قلنا هي استيفاء وإن قلنا اعتياض فلا لإمتناع أخذ العوض عن الزكاة‏.‏

الضرب الثاني الدين اللازم فتجوز الحوالة به وعليه سواء اتفق الدينان في سبب الوجوب أو اختلفا بأن كان أحدهما ثمنا والآخر أجرة أو قرضاً أو بدل متلف قلت أطلق الإمام الرافعي أن الدين اللازم تصح الحوالة به وعليه واقتدى في ذلك بالغزالي وليس كذلك فإن دين السلم لازم ولا تصح الحوالة به ولا عليه على الصحيح وبه قطع الأكثرون وحكي وجه في الحاوي و التتمة وغيرهما أنه يجوز بناء على أنها استيفاء وسبقت هذه المسألة في باب حكم المبيع قبل القبض فرع جواز الحوالة في الدَين كل دين تجوز الحوالة به وعليه فسواء كان مثليا كالأثمان والحبوب أو متقوماً كالثياب والعبيد وفي وجه يشترط كونه مثلياً ولا خلاف أنه يشترط العلم بقدر ما يحال به وعليه وبصفتهما إلا إذا أحال بابل الدية أو عليها وصححنا الحوالة في المنقولات فوجهان أو قولان بناء على جواز المصالحة والإعتياض عنها والأصح المنع للجهل بصفتها‏.‏

الشرط الثالث‏:‏ اتفاق الدينين فيشترط اتفاقهما جنساً وقدراً وحلولاً وتأجيلاً وصحة وتكسراً وجودة ورداءة وفي وجه تجوز الحوالة بالقليل على الكثير وبالصحيح على المكسر وبالجديد على الرديء وبالمؤجل على الحال وبالأبعد أجلا على الأقرب وكأنه تبرع بالزيادة والصحيح المنع قال المتولي ومعنى قولنا هذه الحوالة غير صحيحة عند الإختلاف أن الحق لا يتحول من الدراهم إلى الدنانير مثلا لكنها لو جرت فهي حوالة على من لا دين عليه وسبق حكمها‏.‏

 فصل الحوالة إذا جرت بشروطها برىء المحيل من دين المحتال

وتحول الحق إلى ذمة المحال عليه من دين المحيل حتى لو أفلس المحال عليه ومات أو لم يمت أو جحد وحلف لم يكن للمحتال الرجوع إلى المحيل كما لو أخذ عوضاً عن الدين ثم تلف في يده فلو شرط في الحوالة الرجوع بتقدير الإفلاس أو الجحود فهل تصح الحوالة والشرط أم الحوالة فقط أم لا يصحان فيه أوجه هذا إذا طرأ الإفلاس فلو كان مفلساً حال الحوالة فالصحيح المنصوص الذي عليه جمهور الأصحاب أنه لا خيار للمحتال سواء شرط يساره أم أطلق وفي وجه يثبت خياره في الحالين وفي وجه يثبت إن شرط فقط واختار الغزالي الثبوت مطلقاً وهو خلاف المذهب‏.‏

فرع صالح مع أجنبي عن دين على عين ثم جحده الأجنبي وحلف إلى من كان عليه الدين و جهان قال القاضي حسين نعم وأبو عاصم لا‏.‏

قلت الأصح قول القاضي والله أعلم‏.‏

فرع خرج المحال عليه عبداً فإن كان لأجنبي وللمحيل دين في ذمته صحت الحوالة كما لو أحال على معسر ويتبعه المحتال بعد العتق وهل له الرجوع على المحيل فيه خلاف مرتب على ما إذا بان معسرا وأولى بالرجوع وإن كان عبداً للمحيل فإن كان له في ذمته دين بأن ثبت قبل ملكه وقلنا لا يسقط فهو كما لو كان لأجنبي وإن لم يكن له في ذمته دين فهي حوالة على من لا دين عليه فإن صححناها وجعلناها ضمانا فهو ضمان العبد عن سيده بإذنه وسيأتي بيانه في كتاب الضمان إن شاء الله تعالى ولا يخفى حكمه لو كان لأجنبي ولم يكن للمحيل عليه دين‏.‏

 فصل إذا اشترى عبداً وأحال البائع بالثمن على رجل

ثم علم بالعبد عيباً قديماً فرده بالعيب أو بالإقالة أو التحالف أو غيرها ففي بطلان الحوالة ثلاثة طرق أحدها البطلان والثاني لا والثالث على قولين أظهرهما البطلان وهما مبنيان على أنها إستيفاء أم بيع إن قلنا إستيفاء بطلت وإلا فلا‏.‏

قلت المذهب البطلان وصححه في المحرر والله أعلم‏.‏

وسواء كان الرد بالعيب بعد قبض المبيع أو قبله على المذهب وبه قطع الجمهور وقيل إنما الخلاف إذا كان بعده فإن رد قبله بطلت قطعاً لعدم تأكدها وسواء كان الرد بعد قبض المحتال مال الحوالة أم قبله على الأصح وهو اختيار الأكثرين وقال العراقيون والشيخ أبو علي إن كان بعده لم تبطل قطعاً وإنما الخلاف قبله ولو أحال البائع رجلاً على المشتري بالثمن فقيل فيه القولان والمذهب أنها لا تبطل قطعا وبه قطع الجمهور سواء قبض المحتال مال الحوالة من المشتري أم لا والفرق أن هنا تعلق الحق بثالث فإذا القولان مخصوصان بالصورة الأولى فنفرع عليهما فإن لم نبطلها لم يطالب المشتري المحال عليه بحال بل يرجع على البائع فيطالبه إن كان قبض مال الحوالة ولا يتعين حقه في ما أخذ بل له إبداله وإن لم يقبضه فله قبضه وهل للمشتري الرجوع عليه قبل قبضه لكون الحوالة كالمقبوض أم لا لعدم حقيقة القبض وجهان أصحهما الثاني فعلى هذا له مطالبته بتحصيل القبض ليرجع عليه وفي وجه لا يملك مطالبته بالتحصيل أيضاً وهو شاذ ضعيف وأما إذا أبطلنا الحوالة فإن كان قبض من المحال عليه فليس له رده عليه لأن قبضه بإذن المشتري فلو رد لم يسقط عنه مطالبة المشتري بل يلزمه الرد على المشتري ويتعين حقه فيما قبضه فإن كان تالفاً لزمه بدله وإن لم يكن قبضه فليس له قبضه لأنه عاد إلى ملك المشتري كما كان فلو خالف وقبض لم يقع عنه وفي وقوعه عن المشتري وجهان أحدهما يقع لبقاء الإذن وأصحهما لا لعدم الحوالة والوكالة ولأنه إنما يقبض لنفسه ولم يبق له حق بخلاف ما إذا فسدت الشركة والوكالة فإن التصرف يصح لبقاء الإذن لكن التصرف يقع للموكل أما في صورة إحالة البائع على المشتري إذا قلنا بالمذهب إنها لا تبطل فإن كان المحتال قبض من المشتري رجع المشتري على البائع وإن لم يقبض فهل للمشتري الرجوع في الحال أم لا يرجع إلا بعد القبض فيه الوجهان السابقان‏.‏

قال ابن الحداد إذا أحالها بصداقها ثم طلقها قبل الدخول لم تبطل الحوالة وللزوج مطالبتها بنصف المهر قال من شرح كتابه المسألة تترتب على ما إذا أحال المشتري البائع فإن لم تبطل هناك فهنا أولى وإلا ففي بطلانها في نصف الصداق وجهان والفرق أن الطلاق سبب حادث لا يستند إلى ما تقدم بخلاف الفسخ ولأن الصداق أثبت من غيره ولو أحالها ثم انفسخ النكاح بردتها أو بفسخ أحدهما بعيب لم تبطل الحوالة على الأصح أيضاً ويرجع الزوج عليها في صورة الطلاق بنصف الصداق وبجميعه في الردة والفسخ وإذا قلنا بالبطلان فليس له مطالبة المحال عليه ويطالب الزوج بالنصف في الطلاق‏.‏

فرع باع عبداً وأحال بثمنه على المشتري ثم تصادق المتبايعان على فإن وافقهما المحتال أو قامت بينة بحريته بطلت الحوالة لبطلان البيع فيرد المحتال ما أخذه على المشتري ويبقى حقه كما كان وهذه البينة يقيمها العبد أو يشهدون حسبة ولا يتصور أن يقيمها المتبايعان لأنهما كذباها بدخولهما في البيع وإن كذبهما المحتال ولا بينة فلهما تحليفه على نفي العلم فإذا حلف بقيت الحوالة في حقه وله أخذ المال من المشتري‏.‏

وهل يرجع المشتري على البائع لأنه قضى دينه بإذنه أم لا لأنه يقول ظلمني المحتال بما أخذ والمظلوم لا يطالب غير ظالمه قال في التهذيب بالثاني وقال الشيخ أبو حامد وابن كج وأبو علي بالأول فعلى هذا يرجع إذا دفع المال إلى المحتال وفي رجوعه قبله الوجهان السابقان وإن نكل المحتال حلف المشتري ثم إن جعلنا اليمين المردودة كالإقرار بطلت الحوالة وإن جعلناها كالبينة فهو كما لو حلف لأنه ليس للمشتري إقامة البينة ثم ما ذكرناه في إقرار المحتال وقيام البينة من بطلان الحوالة مفروض فيما إذا وقع التعرض لكون الحوالة بالثمن فإن لم تقع وزعم البائع أن الحوالة عليه بدين آخر له على المشتري فإن أنكر المشتري أصل الدين فالقول قوله مع يمينه وإن صدقه وأنكر الحوالة به فإن لم نعتبر رضى المحال عليه فلا عبرة بإنكاره وإن اعتبرناه فهل القول قول مدعي صحة الحوالة أو فسادها فيه الخلاف في نظائرها‏.‏

 فصل إذا كان لزيد عليك مائة ولك على عمرو مائة

فوجد زيد منك ما يجوز له قبض مالك على عمرو فله صورتان‏.‏

إحداهما‏:‏ أن تقول لزيد وكلتك لتقبضه لي وقال بل أحلتني عليه فينظر إن اختلفتما في أصل وإن اتفقتما على جريان لفظ الحوالة وزعمت أنك أردت به تسليطه بالوكالة فوجهان أصحهما القول قولك وبه قال أكثر الأصحاب وقال ابن سريج القول قول زيد مع يمينه وقطع به القاضي حسين قال الأئمة وموضع الوجهين أن يكون اللفظ الجاري بينكما أحلتك بمائة على عمرو فأما إذا قلت بالمائة التي لك علي على عمرو فهذا لا يحتمل إلا حقيقة الحوالة فالقول قول زيد قطعاً إن قلنا القول قول زيد فحلف ثبتت الحوالة وبرئت وإن قلنا القول قولك في الصورة الأولى أو الثانية على الأصح فحلفت نظر هل قبض زيد من عمرو أم لا فإن قبض برئت ذمة مرو لدفعه إلى وكيل أو محتال وفي وجه لا يبرأ في صورة اتفاقكما على لفظ الحوالة والصحيح الأول ثم ينظر فإن كان المقبوض باقياً لزمه تسليمه إليك وهل له مطالبتك بحقه وجهان أحدهما لا لإعترافه ببراءتك بدعوى الحوالة وأصحهما نعم لأنه إن كان وكيلاً فظاهر وإن كان محتالاً فقد استرجعت منه ظلماً فلا يضيع حقه والوجهان في الرجوع ظاهراً فأما بينه وبين الله تعالى فإنه إذا لم يصل إلى حقه عندك فله إمساك المأخوذ لأنه ظفر بجنس حقه من مالك وأنت ظالمه وإن كان المقبوض تالفا فقد قطع الأكثرون بأنه لا يضمن إذا لم يكن التلف بتفريط لأنه وكيل في زعمك والوكيل أمين وليس له مطالبتك لأنه استوفى بزعمه وقال في التهذيب يضمن لأنه ثبتت وكالته والوكيل إذا أخذ المال لنفسه ضمن أما إذا لم يقبض زيد من عمرو فليس له القبض بعد حلفك لأن الحوالة اندفعت وصار معزولا عن الوكالة بإنكاره ولك مطالبة عمرو بحقك وهل لزيد مطالبتك بحقه فيه الوجهان فيما إذا قبض وسلم إليك قال صاحب البيان ينبغي أن لا يطالبك هنا قطعا لإعترافه بأن حقه على عمرو وأن ما قبضته أنت من عمرو ليس حقاً له بخلاف ما إذا قبض فإن حقه تعين في المقبوض فإذا أخذته أخذت ماله‏.‏

الصورة الثانية‏:‏ أن تقول لزيد أحلتك على عمرو فيقول بل وكلتني بقبض ما عليه وحقي باق ويظهر تصوير هذا الخلاف عند إفلاس عمرو فينظر إن اختلفتما في أصل اللفظ فالقول قول زيد مع يمينه وإن اتفقتما على لفظ الحوالة جرى الوجهان السابقان في الصورة الأولى على عكس ما سبق فعلى قول ابن سريج القول قولك مع اليمين وعلى قول الأكثرين القول قول زيد مع يمينه فإن قلنا قولك فحلفت برئت من دين زيد ولزيد مطالبة عمرو إما بالوكالة وإما الحوالة وما يأخذه يكون له لأنك تقول إنه حقه وعلى زعمه هو لك وحقه عليك فيأخذه بحقه وحيث قلنا القول قول زيد فحلف فإن لم يكن قبض المال من عمرو فليس له قبضه لأن قولك ما وكلتك يتضمن عزله إن كان وكيلا وله مطالبتك بحقه وهل لك الرجوع إلى عمرو وجهان لأنك اعترفت بتحول ما عليه إلى زيد ووجه الرجوع وهو اختيار ابن كج أن زيداً إن كان وكيلاً فلم يقبض فبقي حقك وإن كان محتالاً فقد ظلمك بأخذه منك وما على عمرو حقه فلك أخذه عوضاً عما ظلمك به وإن قبض المال من عمرو فقد برئت ذمة عمرو ثم إن كان المقبوض باقياً فقد حكى الغزالي وجهين أحدهما يطالبك بحقه ويرد المقبوض عليك والثاني وهو الصحيح أنه يملكه الآن وإن لم يملكه عند القبض لأنه من جنس حقه وصاحبه يزعم أنه ملكه ويشبه أن لا يكون فيه خلاف محقق بل له أن يرده ويطالب ببدل حقه وله أن يأخذه بحقه وإن تلف بتفريط فلك عليه الضمان وله عليك حقه وربما يقع التقاص وإن لم يكن منه تفريط فلا ضمان لأنه وكيل أمين وفي وجه ضعيف يضمن لأن الأصل فيما يتلف في يد الإنسان من ملك غيره الضمان ولا يلزم من تصديقه في نفي الحوالة ليبقى حقه تصديقه في إثبات الوكالة ليسقط عنه الضمان‏.‏

 فصل في مسائل منثورة

الأولى‏:‏ لو أحلت زيداً على عمرو ثم أحال زيداً على بكر ثم أحاله بكر على آخر جاز وقد تعدد المحال عليهم دون المحتال هنا ولو أحلت زيداً على عمرو ثم أحال زيد بكراً على عمرو ثم أحال بكر آخر على عمرو جاز التعدد هنا في المحتالين دون المحال عليه ولو أحلت زيداً على عمرو ثم ثبت لعمرو عليك مثل ذلك الدين فأحال زيداً عليك جاز‏.‏

الثانية‏:‏ لك على رجلين مائة على كل واحد خمسون وكل واحد ضامن عن صاحبه فأحالك أحدهما بالمائة على إنسان برئا جميعاً وإن أحلت على أحدهما بالمائة برىء الثاني لأن الحوالة كالقبض وإن أحلت عليهما على أن يأخذ المحتال من كل واحد خمسين جاز ويبرأ كل واحد عما ضمن وإن أحلت عليهما على أن يأخذ المائة من أيهما شاء فعن ابن سريج في صحته وجهان وجه المنع أنه لم يكن له إلا مطالبة واحد فلا يستفيد بالحوالة زيادة صفة‏.‏

الثالثة لك على رجل مال فطالبته فقال أحلت فلاناً علي وفلان غائب فأنكرت فالقول قولك مع يمينك فلو أقام بينة سمعت وسقطت مطالبتك له وهل تثبت به الحوالة في حق الغائب حتى لا يحتاج إلى إقامة بينة إذا قدم وجهان‏.‏